قصتي مع الفن.. ورسالة للجميع

سأسرد قصتي وأشاركها معكم لهدفين, أولهم لتعرفوني عن كثب, ولأوصل لكل فنان أو مهتم بالفن رسالة في غاية الأهمية هي محور هذا المقال.
في صغري استهوتني الالوان وكنت أمضي الكثير من الوقت في عالمي الخاص حيث ارسم وأتخيل حكايات جميلة مليئة بالفرح والألوان المبهجة. لم أكن أعلم أني أجيد الرسم حتى ذلك اليوم الذي رسمت فيه شخصية سندباد بعمامته الصفراء وسرواله الواسع وأريتها لوالدتي التي انبهرت بشكل غير متوقع وكذلك فعل أبي ومن يكبرني من أخوتي , كنت حينها في الرابعة من عمري ومن هنا شعرت بالتميز وأحطت بالتشجيع.
خلال السنوات التي أمضيتها في المدرسة كنت أحلم أن أكون فنانة تشكيلية, وكنت أشعر أنها المهنة التي ستجعلني سعيدة فما أحلى أن يقضي الفنان يومه بين الألوان. كنت ولله الحمد متفوقة ومتميزة في دراستي وهذا ما جعل المحيطين بي من الزميلات والمدرسات يكررون علي السؤال البديهي.. ماذا تريدين أن تصبحي عليه عندما تكبري؟
وكنت أجيب بكل براءة .. رسامة!
ومع مضي السنوات وفي سنة التخرج من الثانوية العامة كان علي أن اتخذ القرار الذي سيحدد مصير حياتي المستقبلية وكنت في حيرة بين دراسة الفن التشكيلي ودراسة الطب. لم يتدخل أهلي اطلاقاً في التأثير على قراري مما زادني حيرة, وكان جوابهم لي.. نحن نثق في قرارك!
وهنا حكّمت عقلي على عاطفتي واخترت الطب. وقطعت على نفسي عهداً أن أستمر بمزاولة الفن متى ما سنحت لي الفرصة لأرضي الجانب الفني من نفسي.
مرت السنين وأكملت تخصصاتي الطبية التي أَحبَبتها وأعطيَت فيها, الا أن ذلك كان على حساب حرمان جانبي الفني الى حد ما.. فكما نعرف أن الالهام في الفن لا يحتمل الانشغال بالأمور الاخرى!
وبعد اكمال تخصصاتي كان على جانبي الأمومي أن يستميح جانبي الفني العذر لممارسة حقه المشروع في تربية الأبناء والسهر على رعايتهم. كنت انتهز الفرص اثناء نوم الأطفال لأرسم بعض اللوحات او لأتعلم ذاتيا عن طريق القراءة والاطلاع والتجربة ولكن لم يكن ذلك كافياً.
وبعد أن بلغ اصغر اطفالي العامين بدأت رغبتي في امتهان الفن تزداد لتنفجر كالبركان الثائر الذي كبت لعدة سنين . شعرت برغبة عارمة لأمسك الفرشاة وألون وانهمك في التلوين وأسافر عبر عالم الخيال والجمال. وكوني مهتمة جداً بالجانب العلمي لكل شي في حياتي كان علي لزاماً أن أدرس أساسيات الفن والنقد الفني وكنت أتطور مع كل لوحة. استفدت من خبرتي في العلم في انتهاج خطة مدروسة لتجنب الاخفاقات المحتملة والتقليل من نسب الفشل في مجال الفن التشكيلي. ففي تلك الفترة الانتقالية عرضت لوحاتي في العالم الافتراضي على احد المواقع الفنية الأجنبية لأجس نبض الجمهور المتلقي ومدى تقبله لنوعية فني, ووجدت تجاوباً واقبالاً كبيراً على شراء نسخ من لوحاتي الأصلية وكان ذلك بمثابة الاشارة الخضراء للانطلاق وتحرير الوحش المكبوت في داخلي. ومن هنا بدأت بعرض اعمالي محلياً واقليمياً بشكل أوسع . تطورت أعمالي مع الوقت ومعها تطورت أنشطتي لتشمل تنظيم ورش عمل ودروس في الفن و الرسم حسب الطلب, والتعاقد مع جالاريات عالمية لتمثيلي.
كما وأوليت الجانب التسويقي اهتمام كبير لأدراكي ان من عوامل النجاح هي الانتشار. (للمزيد حول هذا الموضوع اطلع على هذا المقال: عشر خطوات لنشر أعمالك الفنية على نطاق واسع شهرة سريعة ومتابعين كثر).
ان الدرس الذي تعلمته والرسالة التي أريد أن أوصلها لكل انسان يملك موهبة وهبها الله له أن يستثمرها وينميها مهما كانت العوائق ومهما طال الزمن. لكل ربة بيت أفنت حياتها في خدمة زوجها وأطفالها لكل امرأة عاملة تسعى لكسب قوتها أو مساندة زوجها أو عائلتها , لكل رجل اعتركته مشاكل الحياة والعمل لكل انسان صغيراً كان أم كبير,, بائعاً للخضار,, مهندساً ,, طبيباً,, سائق شاحنة,, أو موظفاً وأياً كان فإن الفرص دائماً موجودة والدنيا جميلة والموهبة نعمة استغلها وطورها وابرزها للناس ليستمتعوا معك.
فالفن جمال ومعنى ورسالة. لا تلقي بالاً للمحبطين ولا للسلبيين وعش حياتك فيما تحب.

دمتم بخير
أماني الهاجري